الأحد، 30 مايو 2010

فَـرْحَـة..

ذِكرَى


بدأتُ أصفّق له بحرارة..الناس يصفقون على وتيرة محددة ..وأنا أصفّق بجنون ودموع ..أردت أن أقف بعد ذلك الحماس ..

لكني لم أستطع..لم تحملني رجلاي ..مرة أخرى حاولت، لكنني شعرت أن موقفي سيءٌ جداً!
أقف والناس يجلسون باحترام ..؟!

لم أشأ أن أفعل مثل ذلك الفعل المشين .. !

لكنّي أكملتُ التصفيق بصوت عالٍ جداً ،ومزعج .. شعرتُ بانزعاج من حولي ، لكني لم أستطع أن أثني يديّ المتألمتان من التصفيق المستمر ..!

بكيتُ بصوت أجش بعد أن كنتُ أدمعُ في صمت ..

كل ذلك كان فرحاً لرؤيته..وفرحاً لمشاهدة كل أولئك البشر يصفقون له .. !

أردتُّ أن أصرخ فرحاً بعد ذلك البكاء المرير .. أشفق عليّ من حولي عند سماعهم نحيبي وشهقاتي يتعالى صوتُها ..

ظللتُ أصفّق بحرارة وحماس ودموع ونحيب ..حتى يتوقف الكل وألاحظ أني بقيت أصفق وحدي !

ثم أعود للتصفيق مرةً أخرى عندما يعودون !

مع أني سمعت الكلمة التي يلقيها أكثر من عشر مرات ..!

ألقاها على مسمعي قبلاً ! لكني الآن أكثر حماساً وجنوناً بمقاله وروعته !

كنتُ أشعر بالفرحة عندما كان يلقيها عليّ ,كنتُ أُعجب بأسلوبه جـــداً ,لم يكن ناجــحاً فقط .. فقد كان مبدعاً في إلقائه وكلماته .. فيما يرى أن ذلك لا يخصه أبــداً ! ولا يريد أن يصقل موهبته في الكتابة ..

سرحتُ قليلاً ..أصبح ذهني فارغاً من كثرة البكاء بفرحة !

تنبهتُ على تصفيق الجمهور مجــدداً ..

عدتُّ لأصفق معهم وأنا أدمع..أفقت وبدأت أركز

تنبهتُ أني صنعتُ الكثير من القلق والتوتر .. ! فتحتُ حقيبتي سريعاً وأخرجتُ مرآتي ..نظرتُ إلى عينيي ..لقد تهالكتا واحمرتا!

حتى أنّ زينتي ذهبت مع البكاء ..

ابتسمتُ وأعدتُ ترتيب نفسي !

مسحتُ دموعي وهي مستمرة ..

عدّلتُ حجابي ..وعدتُ أنصتُ وأشاهد بحماس .. فلا بد أن أبدو اليوم بصورة جميلة شابة .. فأنا والدة ذلك الشاب الرائع .. الذي ليس لديّ من الحياة سواه ..!

ختم حديثه قائلاً وهو يشير إليّ .."انه يحبني كثيراً ويتمنى أن يسعدني ويعتني بي كما فعلتُ أنا ,وهو ممتنٌّ لي كثيراً بتشجيعي له في أصعب ظروفه وأوقاته عندما كان يائساً محبطاً ..

ولن ينسى لي ذلك الجميل وغيره ..سيحاول أن يــرده لي ان كنتُ محبطة وسيكون بجانبي دوماً ,حتى لو كنتُ لستُ بحاجة إليه ولا لمساعدته .! سيظلّ يعترفُ بذلك الجميل !! "

تعجبــتُ كثيراً !!!!

ظننتُ أنني أحفظُ ذلك النص جيداً كثرَ ما ألقاهُ عليّ العديد من المرات ,

لكنه لم يلقِ عليّ خاتمة ذلك المقال .. !!

تنهدتّ وأنا أستمعُ إليه : كم رائعٌ ذلك الصبيّ كما والده لو كان !

لا..أنني كنتُ أشجع نفسي فقط عندما أُلقي عليه التحفيزات التي ظننتُ أنها لم تسعده يوماً..!

كنتُ أعتني بهِ وأرعاه لأنني كنتُ بحاجة لذلك .. كان قلبي في أمسّ الحاجة ليعتني بأحدٍ حتى لا يُترك وحيداً ,
أردتُ فقط أن أركض ..أجري إليه لأحتضنه .. إنه حقاً لم يعُد ذلك الطفل الذي كنتُ أُنبهه وأوبخه ثم أشجعه وأنصحه بالثباتِ والقوة ..




\\\


لقد أصبح شابّاً يافعاً مليئاً بالثباتِ والعزيمة والصبر والإبداع..

دُهِشتُ عندما قال :"لقد جعلتُ كلماتُها منهاجاً لي عندما كانت تنصحني بالشجاعة و التميز بعد توبيخي "

أنا ..التي كنتُ بحاجة لذلك ..كنتُ بحاجة لتوبيخه ثمّ نصحه وتحفيزه وتشجيعه ومن ثم رعايته بدلال..!

بعد قليل لم أعد أستطع أن أكبح جماح رجليّ التي تفاعلت مع أذناي المنصتتان وعيناي الباكيتان عند سماعي كلماته الأخيرة وهو يقول:"بعد ذلك لا أستطيع أن أقول لكم سوى أنني أعلم تماماً أن خاتمة خطابي هي الأسوأ على الإطلاق لأني لم أعرضها على غاليتي العزيزة (أمي)..! لكنها في نظري تلك الخاتمة هي الأروع لأنّي زينتُها بذكر حبّها لي .."

ذهبتُ إليه ..احتضنته بقوّة وأنا أبكي .." كم أنتَ رائعٌ يا بنيّ كم أحبّك "

رعاه المولى وحفظه وهداه وأمة محمد – صلواتُ ربّي وسلامه عليه – من كلّ شرٍ وسوء .. ووفقهم لما تحبه وترضاه ..

تَأَوّهتْ بعمق وهي تستذكر تلك الذكريات في هرمها ..

ابتسمتُ لها بعينين رطبتان "الآن أشعر بعظمتكِ أنتِ ..فلولا الله سبحانه وتعالى ثم أمٌ وأبٌ ما كان ابنٌ ناجح"

مسَحَتْ دموعها وهي تضحك .. قالت:أعذريني أشعر بالأنانية لأني حكيتُ لكِ الكثير بينما لم أسمحُ لكِ بالكلام يا صغيرتي ..أخبريني عنكِ ماذا كان في هذا الأسبوع ..؟!"

أجبت:

"ليس هناك جديد ,مازالت الحياة تسير على وتيرة واحدة.."

نظرت إلى عيناي مباشرةً وهي تشعرُ بأني أكذب "لاداعي لتخفي عنّي قصصكِ أيتها الشقيه فقط أخبريني ".. أرادت أن تقنعني وهي تكمل .." قصصتُ لكِ قصة خاصة جداً احتفظ بها في اعماقي منذ زمن طويــل ..عندما كان
هرمي شباباً ,وعندما كان لديّ شابٌّ جميلٌ مثلكِ "

نهضتُ سريعاً حتى أنصرف "حسناً..حسناً لقد تأخر الوقت وانتهى الدوام أيتها الرئيسة الغالية لنراكِ في نهايةِ الأسبوع المقبل.. وداعاً"

"أيتها الشقية ..انتظري!"

ضحكتُ وأنا أغلق باب مكتبها:"لديّ أسبوعٌ مليءٌ بالدراسة إلى اللقاء في نهاية الأسبوع المقبل " !!

=)









بشـــائر ,,
16_4_1431 هـ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق