السبت، 19 مارس 2011

مكانة الأُنثى في دِين الفِطرة.

مشاركتي في الوعي الحقوقي للمرأة في مسابقة بعنوان "حقوق المرأة في الإسلام|"

مكانة الأُنثى في دِين الفِطرة.

تأتي إلى الدّنيا في يومٍ مُبهج , تبكي لتغيّر المُحيط من حولها..يفرحُ بها أبواها وعائلتُها ..

يبدأ والداها بتربيتها على الأخلاقيات والمحاسن والآداب وحسن التّعامل .. لتُصبِح أحسن الفتيات وألطفهن لأنها ابنتهم بالطبع!

تخرج من العالم الصغير .. المُجتمع العائلي الذي كانت تعيش فيه , إلى مجتمع دراسي أكبر من ذلك و أوسع ..

تتأمّل وجودها في ذلك العالم الكبير ..

لتعي ثمن طلب العلم والمثابرة للوصول إلى المعرفة !!

تتعلم فيها دورها وتكتشف نفسها , لتقوم ببذل ذلك لدينها وأمّتها ..

تدرس وتتعلم وتثابر وتعيش حياتها البسيطة الرائعة وسط عائلتها .. تكمل مسيرة حياتها بطلب العلم والعمل , والزواج وإنجاب الأطفال وتربيتهم التربية الإسلامية القويمة ..

بالتأكيد لن تخلو أيامها من المنغصات أو المشاكل أو المصاعب في حياتها اليوميّة التي تصيبها بالإحباط !

تعزي ذلك تارةً لِسوء التخطيط وتارةً بخيرة الله وقضاءه وصرف الشرّ عنها , وتارة تُفكّر أنه قصور منها وتساهل في سعيها لما تريد الحصول عليه أو الوصول إليه من احترام أو ما إلى ذلك ..

باعتبار حقّها أهم شيءٍ تُحافظ عليه , ولا تزال في قلقٍ وحيرة من أمرها ! تتساءل عمّا لها وما عليها !!

فما بالنا , وما خطبنا , أين نحنُ من التأمل في إسلامنا العظيم ! في ديننا القسط العدل الذي أعطى كل ذي حقٍ حقهُ وأمر بالمعروف , منحَ المرأة كرامة ومكانة عظيمة ومهمّة في تكوين أسس المجتمع الإسلامي بتربيتها وصلاحها فهي الأساس الذي إذا صلُحت صلُح الجيل الذي ستربيه بعون الله ..

أكرم المرأة ووصى بها , راعى تكوينها وطبيعتها وبساطتها , ساوى و وازن بين حقوقها وواجباتها..

فالأم واجبٌ إكرامها وبرها وخدمتها وطلب رضاها,والتودد لها والعطف عليها والتخيف عمّا أهمّها وأساء حالها ,ورعايتها في صحتها فكيف بهرمها وتعبها.. لأنها أدّت الواجب على أكمل وجهٍ بحبّها وتضحيتها في حملها وولادتها وإرضاعها و تربيتها لأطفالها , فمهما كبروا تُريد أن تستمر في رعايتهم ! والاهتمام بكلّ ما كدّرهم , حتّى حين تكون في أمسّ الحاجة للرعايةِ !!! فسبحـان من جعل الرحمة والعطف تولدُ للحياة معها ..

وللزوجة حقّ الرّفق بها والعطف عليها ومساعدتها , فكما قال عليه الصلاة والسلام :"خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي".(1), والتسامح معها لو أخطأت وإن أساءت فالله العالِم بسريرتها , فربما أشكلتْ عليها صعاب الحيـاة أو آلمتها ظروفها , ولا نرى هُنا أعظم من حكمة عمر – رضي الله عنه وأرضاه – في روحه السمحة وعطفه ولين جانبه عندما أتى رجلٌ يشكي إليه زوجته بارتفاع صوتها عليه ..حيث ورد في سيرته أنه "جاء رجل إلى عمر رضي الله عنه يشكو إليه خُلق زوجته ، فوقف ببابه ينتظره ، فسمع امرأته تستطيل عليه بلسانها ، وهو ساكت لا يرد عليها ، فانصرف الرجل قائلا : إذا كان هذا حال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب فكيف حالي ؟ فخرج عمر فرآه موليًا فناداه : ما حاجتك يا أخي ؟ فقال : يا أمير المؤمنين جئت أشكو إليك خُلق زوجتي واستطالتها علي ، فسمعتُ زوجتك كذلك ، فرجعتُ وقلتُ : إذا كان هذا حال أمير المؤمنين مع زوجته ، فكيف حالي ؟ فقال عمر : تحملتها لحقوق لها علي ، فإنها طباخة لطعامي ، خبازة لخبزي ، غسالة لثيابي ، مرضعة لأولادي ، وليس ذلك بواجب عليها ، وسكن قلبي بها عن الحرام ، فأنا أتحملها لذلك . فقال الرجل : يا أمير المؤمنين وكذلك زوجتي . قال : فتحملها يا أخي فإنما هي مدة يسيرة . "(2)

فلا بُدّ أن يعطف عليها زوجها فقد تركتْ أباها , وأمّها , وأخاها , لتتبعه وبدأت حياةً جديدة بعيدة عنهم , فإلى جانب كونه زوجاً يكونُ ولو جزءًا مُحباً من أبيها , وطبعاً حانياً من أمّها , وصديقاً كريماً من أخيها .. فهذا بالطّبع أهم من كلّ المادّيات وكل التكلّفات .. فهذه طبيعة الإنسان وبساطته التي تجعله يلجأ إلى قلوب أحبتهِ ويلتحف بدفئها ليكونوا له عوناً يناصحوه و يدلوه للخير .. وليس هناك أكرم من زوج ترفّـق بزوجته وأطاع نبيه صلوات ربي وسلامه عليه في قوله يحث على الرّفق بالقوارير ,"أرفق يا أنجشة ويحك بالقوارير"(3) وإنما سُمّوا (قوارير) لضعفهن وكسرهن ..

وليس هناك أروع من أبٍ عطوف بابنته, كريمٌ لها .. يسعدها ويسرّها فهذه طبيعتُه وسجيتُه , تعيش الابنة في كنف والديها هانئة بحنانهم .. إذ يُذكّر النبي صلوات ربي وسلامه عليه بعِظم الإحسان في التربية وجزائها قوله :"لا يكون لأحدكم ثلاثُ بنات أو ثلاثُ أخوات فيحسن إليهن إلاّ دخل الجنة " ! ويقول أيضًا يعظّم أمرهنّ في قوله :"من عَال جاريتين دخلتُ أنا وهو الجنّةَ كهاتين" وأشار بإصبعيه (4)

وهذه التأملات غيضٌ من فيضِ إكرامِ الأنثى في رحمةِ الله ودينه الحنيف , وفي هذا كلّه أقرّت عليها فطرتُها العمل لدنياها وآخرتها , وألزمتْ على وليّها الوقوف إلى جانبها مادّيًّا ومعنويًّا.!

فقدْ كلّفها الله بالتّكاليف الشرعيّة وهوّن عليها مالا تستطيعه فيما يصعبُ و يعسر عليها !

ولم يفرق سبحانه العدل في قبوله للعمل في قوله تعالى: (وَمَـنْ يَـعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُوْنَ الجَنَّةَ وَلاَ يُظْلَمُونَ نَقِيراً ((5)

فكلّفها من التكاليف الشرعيّة ما تطيقه وتجاهد نفسها به ورفع عنها الحرج و عفى عنها مالا طاقة لها به ..!

فالحمدلله الذي منّ علينا بفطرته و أكرمنا بالهُدى ودينِ الحقّ .

(1)سُنن ابن ماجه .كتاب النّكاح, باب حُسن معاشرة النّساء.جـ1.صـ636.

(2) كلام الشبلنجي .ونقله منه باختصار الطنطاويان علي وناجي رحمهما الله في كتابهما :( أخبار عمر ) ( ص 298(

(3)صحيح الإمام البخاري.كتاب الأدب,باب المعاريض مندوحة عن الكذب.جـ8.صـ40.

(4) سنن الترمذي.كتاب البرّ والصّلة ,باب ما جاء في النفقة على البنات و الأخوات جـ4.صــ318.

(5)سورة النساء آية(124*) صـ98.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق